Thursday, February 15, 2007

تاريخ التكامل بين علم النفس واللاهوت

مما لا شك فيه أن علم النفس واللاهوت لديهم تاريخ طويل من الصراع. ذلك الصراع ليس حديثاً ولكن تم التعبير عنه بأكثر قوة في العصر الحديث من خلال كتابات فرويد: الطوطم والتابو (1913) وموسى والتوحيد (1937) في هذين الكتابين، قام فرويد بتقديم تفسيرات نفسية لكل روايات العهد القديم. في كتابه الأشمل مستقبل وهم (1927) وصف فرويد الدين باعتباره مرض عصابي[1] وسواسي أصاب البشرية كلها. كانت الفرضية الأساسية لفرويد هي أن الإنسان هو الذي صنع الله على صورته وليس العكس. يرى فرويد أن الإنسان جسد آماله وأحلامه في الأبوة والاحتواء التي لم يحصل عليها بشكل كامل من الأب، في ذلك "الأب السماوي" الذي رسم فيه كل أحلام الحب والحنان والاحتواء والمسئولية. وراح يمارس محاولاته للاقتراب ولإرضاء هذا "الأب" الوهمي من خلال الدين. في هذا الكتاب تمنى فرويد أن يأتي اليوم الذي يقضي فيه العلم على ذلك الوهم العصابي.

ويضيف فرويد أنه عندما تتهاوى سلطة الأب أو يستطيع الفرد أن يتخلص من رغبته في إرضاء الأب فإنه غالباً ما يفقد إيمانه. وهذا في رأيي صحيح جزئياً وهو يفسر كيف أن الكثيرين من الشباب يفقدون إيمانهم بعد فترة، لكون إيمانهم كان مشوباً بالكثير من الرغبات العصابية في إرضاء الأب أو الحصول على أب بديل أكثر قرباً وحباً من الأب الأرضي، وعندما يتجاوز الشباب هذه المرحلة ويتخلون تدريجياً عن شوقهم للأب ويستبدلونه بعلاقات حميمة أخرى في الزواج مثلاً فإن حرارة إيمانهم تنطفئ. وأظن أيضاً أن الدين والروحانية يمكن أن يلعبا دوراً آخر وهو التسامي بالرغبة الجنسية في مرحلة المراهقة والشباب المبكر و ذلك ربما يكون أحد أسباب ضعف الحرارة الروحية لدى كثيرين بعد الزواج.

لكن بالرغم من أن هذه التفسيرات ربما تحمل بعض الحقيقة، إلا أننا لا يمكن أن نحكم على الدين أو العلاقة الروحية مع الله ، من خلال تصرفات البعض الذين يتعاملون مع هذه الأمور بطريقة عصابية. فهناك أمثلة كثيرة على الجانب الآخر لأشخاص أثرى إيمانهم العميق حياتهم و حياة من حولهم، بل والبشرية كلها. إننا لا يمكن مثلاً أن نعتبر أن خدمة الأم تريزا كانت محاولات منها لإرضاء أبيها! أو أن القس بيلي جراهام ظل يربح الملايين للمسيح حتى تجاوز الثمانين من عمره كمحاولة للتسامي بغرائز العنف أو الجنس اللاواعية!

لم يكن فرويد هو الوحيد بين علماء النفس الذين كانت لديهم رؤية سلبية للدين، فأغلبهم يرى أن الدين "عكازاً" يتوطأ الناس عليه أو دفاعاً يحتمون به من مواجهة تحديات الواقع.

ليس الصراع بين علم النفس والدين صراعاً وهمياً فهناك افتراضات تقوم عليها أغلب مدارس علم النفس، هذه الافتراضات غير متفقة مع المفاهيم اللاهوتية المسيحية، مثل سقوط الإنسان أو معنى الصحة ومعنى الألم وغير ذلك. لذلك فإنه في واقع الأمر، دخل علم النفس إلى الكنيسة عن طريق الجانب الأكثر ليبرالية منها، بينما ظل الجانب الأكثر محافظة يتشكك من علم النفس إلى يومنا هذا.

هل هناك أرضية مشتركة بين علم النفس والدين بما فيه من لاهوت (فكر ديني) وروحانية (ممارسة الحياة الروحية)؟

أولاً: لا يجب أن ننسى أن علماء النفس واللاهوتيون يدرسون نفس الموضوعات ألا وهي السلوك الإنساني والقيم والمبادئ العليا والتوجهات الإنسانية. والعلاقات الإنسانية والزواج والأسرة وغيرها. كما أنهم جميعاً يهتمون بقضايا مشتركة مثل الصحة والمرض والوحدة والقلق والفقد والإحباط.

ثانياً: كل من علم النفس واللاهوت لا يمكن اثبات فرضياته أو استنتاجاته بطريقة إمبريقية تجريبية. فلا يمكن إجراء إشعات أو تحاليل لإثبات شفاء مريض نفسي. الأمر لا يزال يعتمد على الخبرة الشخصية للمريض التي يحاول الطبيب أن يستمع إليها بطريقة تحاول أن تكون موضوعية ومحايدة. الأمر نفسه في الخبرة الروحية، فلا يمكن التأكد بالبرهان المادي على "تجديد" أو إيمان شخص أو امتلاءه بالروح القدس أو وصوله إلى درجة ما من النضج الروحي!

ثالثاً: الدين مثل علم النفس يستخدم "نماذج" لكي يشرح بها الحقيقة المجردة. والنموذج هو صورة أو رمز أو مثال بسيط لشرح حقيقة عميقة ومعقدة. يقدم تيد بيترز[2] التعريف التالي للرمز اللاهوتي:

الرمز هو أداة للتعرف على الحقيقة. يعمل الرمز كمنشور ضوئي يحلل عناصر الضوء الأبيض التي هي موجودة ولكنها غير منظورة بدون المنشور. هكذا فإن ا لرموز تقع عند التقاء الحياة اليومية العادية مع الأسئلة الوجودية العميقة التي نجد أنفسنا بعدها إما أمام الله أو أمام العدم. هذه هي نقطة الالتقاء بين المعرفة الإنسانية المحدودة والحقيقة غير المحدودة. تقف الرموز مهتزة فائضة بالحياة عن نقطة التوتر بين الظاهر والخفي، بين العادي والمتسامي. لذلك فإن هذه الرموز لا تموت لأنها هو وحدها التي تحررنا من أسر الحياة العادية وتنقلنا برفق من الحياة في هذا العالم المنظور إلى الحياة في العالم الآخر دون أن نحتاج أن نترك هذا العالم الحاضر.

عندما يستخدم الكتاب المقدس رموزاً للإشارة إلى الله مثل الراعي أو الملك أو القاضي العادل أو الأب. أو الرموز المختلفة التي تشير للمسيح مثل الكرمة أو الصخرة أو الأسد أو الراعي الصالح أو الباب أو الطريق غير ذلك، فهذه نماذج بسيطة للإشارة إلى حقائق لاهوتية عميقة عن الله أبعد كثيراً من الرمز. علم النفس أيضاً يستخدم نماذج لشرح حقائق معقدة عن الإنسان. فالمدرسة التحليلية تستخدم نماذج مثل الأنا العليا والأنا و الهو أو العقل الواعي و اللاواعي. والمدرسة السلوكية تنظر للإنسان أنه آلة مسجل بها ردود أفعال تم تعلمها عبر تكرارالمثير والاستجابة. أيضاً السبب الذي يجعل الرموز متعددة ومختلفة، هو نفس السبب الذي يجعل النماذج النفسية متعددة أيضاً، ألا و هو أنها صور بسيطة تحاول أن تقدم وصفاً غير كامل لواقع روحي متساميً سواء كان هذا الواقع هو الله أو الإنسان المخلوق على صورته، وهذا دائماً يحمل خطورة الحرفية وسوء التأويل، فلا الإنسان آلة ولا المسيح صخرة !

رابعاً: نجد أن كلا من علم النفس واللاهوت نظامان يهتمان بعناصر مختلفة متداخلة ويمكن التعبير عن كل منهما بصور متعددة. فالخطية على سبيل المثال يمكن أن ننظر إليها باعتبارها أنها اختيار فردي حر ويمكن أن ننظر إليها أيضاً بوصفها حالة سقوط عامة للجنس البشري. أيضاً في المرض أو الاضطراب النفسي عناصر متعددة فيمكن وصف المرض النفسي أنه اضطراب بيولوجي أو أنه صراع نفسي أو مشكلة اجتماعية. لذلك فإن علم النفس أو طب النفس المعاصر قد وصل إلى وصف المرض النفسي أنه اضطراب بيولوجي، نفسي، اجتماعي Biopsychosocial وذلك لكون العناصر الثلاثة موجودة في كل اضطراب من الاضطربات. يوجد جانب بيولوجي في صورة اضطراب في اتزان الموصلات الكيميائية العصبية Neurotransmitters بالإضافة إلى دور واضح للعوامل النفسية الداخلية من صراع ورغبات مكبوتة ومشاعر غير معبر عنها وطرق تفكير مشوهة. أيضاً لا يمكن إغفال الجانب الاجتماعي مثل شبكة المساندة الاجتماعية للإنسان وحقيقة ما إذا كان متمتعاً بعلاقات مشبعة أو مضطربة يمكن أن تؤثر في مرضه أو تعافيه. بالإضافة لهذه العناصر الثلاثة، يمكن للمشير أو الراعي المسيحي أن يضيف العنصر الروحي أيضاً فالكثير من الأبحاث العلمية، وليس فقط الملاحظات الإكلينيكية، تؤكد على أن نوعية العلاقة بالله عنصر هام جداً سواء في المرض أو الشفاء.

هل التكامل ممكن؟

البعض يعتقد أن التكامل غير ممكن باعتبار أن بين علم النفس واللاهوت كثير من الاختلافات وأنهما ينتميان إلى رؤيتين مختلفتين للعالم. لكن يجب أن نتذكر أيضاً أن كل من النظامين يدرس ويتعامل مع نفس القضايا مثل السلوك والقيم و المشاعر و االعلاقات الإنسانية و في مرات كثيرة يحدث تداخل واضح بين أهداف كل منهما، لذلك أن يذهب كل منهما في طريقه وكأن الآخر غير موجود، أمر يضر الاثنين معاً.

ردود الأفعال للتكامل

1) هناك من يتجاهلون الأمر برمته مثل علماء النفس والأخصائيين النفسيين غير المؤمنين أو المسيحيين الذين يذهبون للكنيسة كل أحد، لكنهم لا يعبأون بمحاولة التكامل بين ما يسمعونه يوم الأحد وبين عملهم مع عملاءهم أثناء الأسبوع.

2) وهناك من يظنونه غير ضروري وربما يكون مضراً، من أمثال Jay Adams (1970) من بين هؤلاء أيضاً Tim LaHaye صاحب العديد من كتب المساعدة الذاتية مثل "الأمزجة البشرية وقدرة الله" و " كيف تقهر الاكتئاب" و هو كاتب له قراءه العديدون في مجتمعنا المسيحي العربي. مثل هؤلاء يرون أن الكتاب المقدس وحده فيه الكفاية للوصول إلى الصحة النفسية الكاملة بدون الحاجة إلى علم النفس.

3) مجموعة ثالثة ترى أن التكامل مهم وضروري، وبل وواجب على المؤمنين أن يعيدوا بناء علم النفس على قواعد فلسفية ولاهوتية كتابية وذلك لكون الله هو الحق فإن حقه المعلن في الكتاب لا يمكن أن يتعارض مع حقه المعلن في الطبيعة والذي تحاول العلوم كلها الوصول إليه. لذلك فهم يرون التكامل بين علم النفس واللاهوت هو واحد من أعظم التحديات التي تواجهنا والمجال الذي يجب على الكنيسة أن تطرقه لكي تتلامس مع البشرية المتألمة بصورة أكثر قرباً وأقل تحدياً. يقول جاري كولينز وهو من المنتمين لهذه المجموعة الرابعة في كتابه "علم النفس وعلم اللاهوت. إمكانيات التكامل."[3]

يفترض علم اللاهوت دائماً أنه مبني على التفسير الكتابي، لكنه كثيراً ما يعكس تبصرات إنسانية، وخبرات شخصية و ثقافية نسبية. لذلك لكي يكون اللاهوت أكثر موضوعية وبالتالي أكثر فاعلية، يجب أن يكون اللاهوتي المسيحي مدركاً إدراكاً أعمق بالسلوك الإنساني و طبيعة وتأثير ميول الإنسان و طرق تفكيره على استقبالاته المختلفة للأمور.

بكلمات أخرى، إننا لا نقرأ الكتاب المقدس في فراغ، إننا نقرأه وسط بحر من مشاعرنا وأفكارنا ومشكلاتنا الشخصية والمجتمعية، أو كما قال أحدهم، نحن نقرأه من خلال مخ غارق في مواد كيميائية تؤثر عليه كل لحظة. فإن كنا نريد أن نحمي فهمنا له من هذه التأثيرات، لا يجب أن نتخيل عدم وجودها، وإنما ندرس تأثيراتها لندرك كيف تؤثر هذه الأمور علينا لكي نستطيع أن نتعرف على فكر الله لنا من وسط هذه المؤثرات التي لا نستطيع أبدأً تحييدها. أليس غريباً أننا لا نجد مشكلة في دراسة جسم الإنسان من خلال العلوم الطبية، أما أهم جزء من الإنسان وهو عقله وسلوكه، نخاف من أن نتعامل فيه مع العلوم النفسية؟! لماذا افترضنا أن الله يسمح لنا أن ندرس جسم الإنسان من خارج الكتاب المقدس ولا يسمح لنا أن ندرس عقل الإنسان من خارج الكتاب المقدس، في الوقت الذي لا يقدم لنا الكتاب المقدس كثيراً عن نفس الإنسان وعقله بصفته كتاباً يتكلم أساساً عن علاقة الإنسان مع الله.

التكامل صعب لأنه يجعلنا دائماً نحاول أن نكتشف ما هي نقاط الاختلاف ونقاط الاتفاق ونعيش حالة مستمرة من التوتر الخلاّق عند المنطقة الوسطى التي فيها يتصل علم النفس باللاهوت. من السهل أن نميل نحو علم ونتجاهل الآخر، وهذه خسارة كبيرة، لأن الحقيقة هي أن الإنسان بأكمله يعيش في هذه المنطقة الوسطى. حيث يتأثر بعلاقته بالله واحتياجه إليه، حتى وإن لم يكن بعد في عل حقيقية معه. ويتأثر بعلاقته بالآخرين و ما يجدث فيها من اقتراب وابتعاد ومن حب ومن إساءات. كما يتأثر بعلاقته بنفسه وماضيه وتاريخه والشخصية التي أصبح عليها بسبب عوامل وراثية وبيئية مختلفة.

لذلك فإنني عندما أتكلم وأعلِّم في منطقة التكامل هذه غالباً ما أحصل على نوعين من ردود الفعل المعترضة. النوع الأول يعترض لكونه غير مستعد أن يستمع إلى أي مساهمة في اتجاه النضوج النفسي تكون مبنية على قواعد علم نفسية أو على مجهود بشري حتى وإن لم يكن متعارضاً مع المبادئ الكتابية. مثل هؤلاء يريدون أن يسمعوا فقط آيات كتابية أو كلام معزي عن كيف أن الروح القدس سوف يغير حياتهم بصورة معجزية وسريعة دائماً (ربما في عظة أو مؤتمر على الأكثر) دون أي مجهود منهم في فحص الأفكار أو إدارة المشاعر أو التعامل مع العلاقات. مثل هؤلاء يتجاهلون بشكل واضح وصية كتابية تقول: " تغيروا" وهذه الوصية كما هو واضح تفترض أن التغيير مجهود بشري أيضاً !

نوع آخر من ردود الأفعال التي أحصل عليه عندما أتكلم عن النضوج النفسي من منظور لاهوتي أو كتابي، هو التساؤل المعترض من بعض الأشخاص "المؤمنين" الذين يقولون: "هل معنى ذلك أن الشفاء قاصر على المؤمنين؟!" ويكون ردي دائماً هو: " بالطبع لا.. يمكن لغير المؤمنين أن يشفوا وينضجوا أيضاً. لكن إن كان الله موجوداً، وهو قد أعلن عن نفسه في المسيح ومن خلال مبادئ الملكوت، أليس من الطبيعي أن تكون "نوعية" الشفاء والنضوج التي لا تتجاهل هذه الحقائق الروحية، أفضل من تلك التي تتجاهلها وتتعامل مع الواقع على أنه واقع ماديّ وإنساني فقط؟! بالطبع هناك قدرة عند الإنسان، حتى وإن كان غير مؤمن، أن يعيش بشكل أفضل روحياً ونفسياً. كما أن الله يشرق شمسه حتى على غير المؤمنين، لكن أليس من المنطقي أن من يعيش علاقة "واعية" مع الله المثلث الأقانيم في إيمان وطاعة للمسيح وشركة مع الروح القدس، يمكنه أن يحصل على قوة فوق طبيعية للشفاء والنضوج؟! هذان النوعان من ردود الأفعال يعكسان مدى صعوبة ميدان التكامل هذا الذي نريد أن ندخله دون اعتساف أو ابتذال أو تبسيط مخلّ بأي من النظامين.

الهدف من التكامل؟

يقدم جاري كولينز هذه الأهداف للتكامل:

1) يمكن لكل من علم النفس واللاهوت أن يسأل كل منهما الآخر ويحفز كل منهما الآخر لمزيد من البحث والاكتشاف للحق الإلهي خصوصاً في مجال الإنسان.

2) التكامل يبقى التواصل مفتوحاً بين اللاهوتيين و علماء النفس لمزيد من الفهم للإنسان. لعل أفضل مكان لتحقيق هذا التواصل هو كليات اللاهوت حيث يجتمع كل من اللاهوتيين ذوو الاهتمام بعلم النفس وعلماء النفس المسيحيين ذوو الاهتمام اللاهوتي حتى يمكنهم معاً السعي لدراسة إعلان الله المتكامل في كل من الكتاب والطبيعة الإنسانية.

يمكنني أن أعطي مثالاً على هذا. لفترة انشغلت بمفهوم "الذكاء الوجداني" وأهميته في سلوك الإنسان وعلاقته فرحت أبحث عن كيف أجد هذا في الكتاب المقدس فوجد الكثير من الآيات مثل (أفسس 4: 26و مزمور 4:4) التي ربما لم أكن أفهمها بهذا الوضوح قبل أن يثيريني ذلك المفهوم النفسي و يدفعني لاكتشاف الحق الكتابي فيه. مثال آخر عن مفهوم الحدود في العلاقات وكيف يقدم بولس هذا التوازن بين الحفاظ على الحدود وفي الوقت نفسه الحفاظ على المحبة و العلاقات الحميمة داخل جسد المسيح عندما يقول في غل 6 " احملوا بعضكم أثقال بعض......كل واحد سيحمل حمل نفسه." [4]بالطبع يجب هنا أن نستخدم المبادئ الراسخة في التفسير الكتابي، حتى لا نلوي عنق الآيات الكتابية لتتوافق مع المفاهيم النفسية.عموماً، التكامل ليس أمراً سهلاً يتم من خلال دراسة كل من علم النفس وعلم اللاهوت أو قراءة كتب أو محاضرات عن التكامل. التكامل أمر لا يحدث إلا في قلب وعقل إنسان يكون متمرساً في الاثنين معاً. وأنا أقول عقل وقلب لا عقل فقط لأن التكامل يكون ناقصاً إذا لم يشتمل أيضاً على الروحانية الشخصية، وهذا سوف نواجهه عندما نتكلم عن تحديّات التكامل.

لكي يحدث التكامل يجب أن نبدأ من نقطة احترام كل من العلم بصورة والكتاب المقدس بوصفهما طريقتين للإعلان الإلهي. العلم هو محاولة دراسة إعلان الله العام في العالم المادي والبشري والاجتماعي. فالسموات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه، هذه الإعلان تركه الله للبشر لكي يكتشفوه بطريقة تدريجية بحسب نمو وتراكم معارفهم جيلاً بعد جيل. الإنسان في هذا العمل يستخدم عقله بمعونة من عمل الله غير ا لمباشر الذي يعمل في كل من المؤمنين وغير المؤمنين. لكن هناك منطقة رأى الله أن البشر لن يستطيعوا معرفتها بأنفسهم وهي المنطقة الروحية الخاصة بطبيعة الله والعلاقة معه، لكون السقوط والخطية قد أعاقا قدرة الإنسان على ا لوعي الروحي، لذلك اختار الله أن يعلن هذه الأمور للإنسان بصورة أكثر مباشرة من خلال الإعلان الخاص أي بالتدخل الفدائي في التاريخ سواء من خلال شعب ينقذه من العبودية ويتكلم إليه بأنبياء وطرق متنوعة ثم في الأيام الأخيرة، يتكلم في ابنه الذي هو كلمته المتجسد، ثم يرسل روحه ليسكن في كل مؤمن بالمسيح لكي يعينه ويأخذ بيده ليعرف الله ويعيش حياة روحية معه. قدم جاري كولينز في كتابه إعادة بناء علم النفس[5] هذا الرسم التوضيحي الذي يفرق بين الإعلان العام والخاص.


نماذج التكامل

1. المرحلة الأولى (ما قبل الخمسينات)

في هذه المرحلة ظهرت بعض المقالات التي حاولت تقديم بعض المفاهيم ولكن لم يكن هناك تكامل بالمعنى المفهوم. ربما من أهم المجهودات في ذلك الوقت ما قام به كارل يونج (1938) إيريك فروم (1950)[6] و جوردون ألبورت (1950) [7]

2) المرحلة الثانية (اواخر الخمسينات والستينات)

في هذه المرحلة كان هناك أكثر من تناول لقضية التكامل بين علم النفس واللاهوت:

- كتابات بول تورنييه. تميزت كتابات بول تورنييه (1964- 1968) بالكثير من التبسيطية وتجاهل وجود صراع حقيقي بين علم النفس واللاهوت. على سبيل المثال كان تورنييه يقول أن التكامل يكمن في الله و أننا إذا استمعنا لله جيداً فإن التكامل سوف يتم بشكل تلقائي.

- كتاب " من هو الإنسان إذن؟ـ ندوة دراسية حول التكامل بين اللاهوت وعلم النفس والطب النفسي.[8] وكان هذا الكتاب نتاج عمل مشترك بين جماعة من العلماء اللوثريين يرأسم عالم نفساني اسمه بول ميل وهو رئيس سابق للهيئة الأمريكية للأخصائيين النفسيين. وفي هذا العمل ناقش ميل وفريقه عدداً من قضايا التكامل مثل: الشفاء بالإيمان، والذنب، والعلاج النفسي، والنعمة، والشخصية الإنسانية، والخطية الأصلية والمادية والضمير وغيرها. و في هذا الكتاب، اكد هذا الفريق ان اي محاولة لعمل تكامل بين علم النفس واللاهوت لا يمكن أن تتجاهل مثل هذه القضايا اللاهوتية الوجودية. كان هذا العمل محاولة شديدة الجدية للحوار بين علم النفس واللاهوت، ولكنه لم يكن تكاملاً حقيقياً بل كان بحسب تسمية جاري كولينز محاولة لجعل القطارين يسيران بجوار بعضهما البعض.

3) المرحلة الثالثة ( السبعينات)

ظهرت نماذج للتكامل استخدمت الكثير من الرسوم التوضيحية للشرح (نظرياً) كيف يمكن للمسيحية و علم النفس أن يتكاملا. قدمت هذه النظريات أفكاراً جيدة، ولكنها لم تقدم فائدة تطبيقية حقيقية.

التحليل الطبقي لبيوب Levels of Analysis (Bube 1971)

هذا التناول يحلل الوجود إلى طبقات متدرجة في التعقيد بحيث كل طبقة أعلى تحتوي كل الطبقات السابقة لها. بهذا المفهوم لا يمكن أن نقول أن الروحي يشتمل على النفسي والعضوي معاً داخله كما أن النفسي يشتمل على العضوي داخله وهكذا. يكتب بيوب قائلاً:

ليس ضرورياً فيما بعد الجدل إن كان اختبار التجديد المسيحي اختباراً نفسياً أم لاهوتياً فهذا الاختبار لا يمكن فهمه فهماً جيداً إلا إذا وصفناه كخبرة لاهوتية و نفسية في نفس لوقت.كما أنه له أيضاً أبعاد بيولوجية وبيوكيميائية وبيوفيزيائية أيضاً. أيضاً لا يجب الجدل إن كان الإنسان ماكينة أم كائن مخلوق على صورة الله. فالإنسان لا يمكن فهمه إلا إذا تم وصفه على أنه ماكينة و شخص مخلوق على صورة الله في آن واحد.

هذا النموذج يقترح صعوبة فصل الروحي عن النفسي لكون الاثنان حلقات تطورية في تكوين الإنسان. هذا يذكرني بالسؤال الذي يواجهنا كثيراً لتفسير السلوكيات الغريبة التي نراها في بعض الأشخاص: " هل هو مرض نفسي أم أم تأثير شيطاني فائق للطبيعة." الإجابة التي ربما يقدمها بيوب على سؤال مثل هذا، هي:الاثنان معا!"

هذه إجابة وامتناع عن الإجابة في نفس الوقت. وهذا يقودنا، مثلما كان يسوع يفعل، إلى التجاوب مع هذا السؤال بسؤال آخر وهو: " ما الغرض من السؤال عن طبيعة الحالة إن كانت نفسية أو روحية؟ ولماذا تريد التفريق؟ الأغلب أن الذين يسألون هذا السؤال يسألونه ليحددوا طريقة التعامل مع الحالة. هل نتعامل معها روحياً أم نفسياً؟ هذا السؤال يكشف عن الإيمان بالنظامين والتفسيرين، فهناك بالطبع من لا يسألون هذا السؤال مطلقاً و إنما سيختارون تفسيراً واحدا وً ذلك حسب الخلفية الطائفية واللاهوتية التي ينتمون إليها، فإن كانوا مثلاً من غلاة الخمسيين أو الرسوليين، فإنهم غالباً ما سيفترضون التفسير "الروحي"، وإن كانوا مصلحين محافظين وربما توقفيين[9] فإنهم غالباً ما سوف يرجحون التفسير "النفسي". أما من يتحيرون ويسألون هذا السؤال فهم غالباً من غير المتشددين من الجانبين والذين يؤمنون بكل من الأسباب الروحية والنفسية في نفس الوقت، لكن هذا السؤال وإن كان يحترم كلا النظامين، إلا أنه يعكس أيضاً غياب الفكر التكاملي بين النظامين في التعامل مع مثل هذه الحالات.

ماذا نفعل إذا صادفنا إنساناً يجرح نفسه ويهيم على وجهه في الشوارع والحقول مثل مجنون كورة الجدريين الذي شفاه المسيح؟ هناك من سوف يطبقون تلقائياً النموذج الكتابي و يفعلوا كما فعل المسيح (ظاهرياً)، فيصلون وينتهرون الروح الشرير ليخرج منه ويتم استرداد هذا الإنسان إلى الصحة النفسية والسلوك الهادئ العاقل المتزن. وهناك من سوف يتعاملون مع الموقف من منظور علم النفس أو الطب النفسي بصورة تلقائية، فالأمر لا يعدو كونه مريضاً نفسياً يحتاج للعلاج الذي هو ليس إلا علاجاً نفسياً بالعقاقير فقط أو ربما بإضافة بعض التقنيات النفسية أو السلوكية أو تقنيات إعادة التأهيل النفسية. لكن ماذا يفعل المسيحيون المؤمنون بالتكامل؟

قبل أن نسأل أنفسنا ماذا سنفعل، دعونا نعود إلى منظومة الإعلان العام والخاص. هناك الإعلان الإلهي العام في الخليقة المادية والإنسان جزء منها وهناك الإعلان الروحي الخاص الذي يتناول العالم الروحي غير المنظور بما فيه الله والشيطان والملائكة، والإنسان أيضاً جزء من هذا العالم ويتأثر به بصفته كائن روحي مخلوق على صورة الله.

Oval:                 العالم المادّي

في الوقت الذي خطا فيه المسيح على أرضنا. كان الإعلان الإلهي في ذروته فهو الابن الذي هو بهاء مجد الله ورسم جوهره و حامل كل الأشياء بكلمة قدرته. لكن اكتشاف الإنسان للإعلان العام (بمعنى الفهم العلمي للكون والطبيعة والإنسان) كان لا يزال يحبو في ذلك الوقت. فعندما تقابل المسيح، الإنسان الكامل، روحياً ونفسياً واجتماعياً، المدخر فيه كل كنوز الحكمة والمعرفة والعلم مع شخص مضطرب روحياً ونفسياً وجسدياً مثل مجنون كورة الجدريين. شفاه من تأثير الأرواح الشريرة ومن الصراع والمرض النفسي ومن آثار الرفض والعزل الاجتماعي الذي كان يعاني منه بسبب سلوكه. لقد كان لقاء مع الله، فمن الطبيعي أن يشفى هذا الإنسان ! الصورة الظاهرية المقبولة ثقافياً في ذلك الوقت هي أن المسيح انتهر الروح الشرير فشفي الإنسان. لكن الواقع الروحي الداخلي هو أن ملكوت الله بكل قوته وحكمته وحبه وحنانه قد لمس ذلك الإنسان.

حالة من الوجود الأسمى من الوجود الإنساني تلامست مع كيان إنساني مريض، فشفته. كان يسوع يقول أنه ليس من هذا العالم، أما نحن فمن هذا العالم. وقال أيضاً: " إن كنت أنا بإصبع الله أخرج الأرواح الشريرة فقد أقبل عليكم ملكوت الله."

هذا العمل السري المتكامل، لم يكن ممكناً التعبير عنه في ذلك الوقت إلا بالتعبير الشائع المقبول ثقافياً في ذلك الوقت وهو التركيز فقط على الجانب الروحي من الشفاء المتكامل، كعادة الإنسان أن ينسب الذي لا يعرفه للجانب الروحي غير المرئي، فلم يكن ممكناً أن يقال مثلاً: " إن هذا الشخص يعاني من اضطراب نفسي لكن العلم لم يتوصل بعد لأسبابه !" فهذه العبارة تحتاج إلى تقدم علمي كبير لكي نقولها ولكي نفهمها ونستوعبها! لكن المسيح شفاه شفاء كاملاً لأن كل إعلان الله كان مذخراً فيه، أي مختبئاً وغير ظاهر تماماً. الإعلان العام الذي كان على البشر أن يكتشفوه كان مذخراً في المسيح بوصفه الكلمة (أي العقل الإلهي العام الذي به خلق العالمين) بالإضافة للإعلان الخاص عن طبيعة الله ومحبته وغفرانه، بوصفه أيضاً الابن الذي هو في حضن الآب.

بعد صعود المسيح للسماء وإرسال الروح القدس، أخذ الإعلان الخاص أيضاً خطوة للإمام حيث أصبح الروح القدس في كل مؤمن ويعطي بعض المؤمنين مواهب روحية مثل تمييز الأرواح و إخراجها. أي أن الروح القدس يستطيع أن ينقل قدرة المسيح على ا لتعامل مع الموقف هنا والآن من خلال المؤمن كما لو كان المسيح موجوداً بالجسد خطوة قال المسيح أنها أفضل، لذلك قال لتلاميذه أنه خير لهم أن ينطلق. وأن الأمور التي كان يفعلها، سوف يفعلون مثلها وأفضل منها. أيضاً بعد مرور آلاف السنين تطور الإعلان العام واكتشف البشر جزءاً كبيراً من العلم المذخر في عقل الله وحصل على فهم أعمق وأشمل للإنسان وما يدور فيه بيولوجياً ونفسياً.

هذا هو الموقف الآن ـــ الروح القدس ومواهبه في المؤمن ويمكن من خلال الصلاة أن يتعامل مع التأثير الروحي الشيطاني تماماً كما كان يفعل المسيح. و الإعلان العام أصبح على درجة من النضج ويمكن للإنسان أن يستخدمه لشفاء الإنسان بيولوجياً ونفسياً، و أيضاً الكنيسة، كمجتمع شافي يقبل الجميع بلا شروط، تستطيع أن تلعب دوراً بارزاً في شفاء الإنسان اجتماعياً ــــ ماذا علينا أن نفعل إذن؟ أعتقد أن علينا أن نمارس كل هذه الأمور معاً ً، لأن هذه هي إرادة الله ـ أن نستخدم كل ما وصلنا من إعلان خاص وعام، لتمييز والتعامل مع الإنسان ككل متكامل بيولوجياً، ونفسياً، واجتماعياً، وروحياً.

إن كانت هذه هي رسالة التكامل، فهذا يعني أن نتعامل بالطرق الروحية (كالصلاة) والطرق البيولوجية و النفسية كلها معاً دون اختلاط أو امتزاج أو تغير. يجب أن تراعي الممارسات الروحية، وجود مرض أو مشكلات نفسية كما يجب ألا تغفل التقنيات النفسية، جانب الصراع الروحي في حياة المريض. لكن قبول فكرة وجود الاثنين معاً لا يعني عدم تأثرهما ببعضهما البعض ولا يعني تطبيق الممارسات الروحية والنفسية معاً بطريقة"القص واللصق" وبدون بذلك مجهود تكاملي!

ما هو هذا المجهود التكاملي؟ على سبيل المثال عندما نقبل الصلاة كأسلوب للتعامل مع المريض النفسي، فهذا لا يعني أننا نقبل كل ألوان الصلاة و طرقها. فإيماننا بالعناصر النفسية في القضية، يجعلنا نفضل أحياناً الصلاة "من أجل" المريض بدلاً من الصلاة "معه". وفي أحيان أخرى نفضل الصلاة معه بدلاً من الصلاة "عليه" لإخراج الأرواح الشريرة! وعندما نقبل التفسيرات النفسية للحالة التي عليها المريض، فهذا لا يعني أننا ينبغي أن ننكر احتياجه لله ودور الخطية والسقوط في الصراع النفسي والعلاقاتي الذي يعانيه، لكن الطريقة التي نقدم بها رسالة الخلاص لهذا الشخص بالطبع يجب أن تراعي الحالة النفسية التي يمر بها.

النموذج التكاملي لكارتر/موهلين Integrated Models Approach John Carter/R.Mohline 1976

ُبنى هذا النموذج على ثلاث فرضيات:

1) كل الحق هو من الله. الإعلان العام (في الخليقة) لا يتعارض مع الإعلان الخاص(في الكتاب) بل يتكاملان باعتبار أن مصدرهما واحد وهو الله.

2) علم اللاهوت هو الإعلان الإلهي عندما يترشح من خلال أوساط إنسانية مثل اللغة والفكر و الثقافة الإنسانية يمكن للإنسان أن يفهمها لكونه يركز أساساً على طبيعة الإنسان وبرنامج الله من أجله.

3) علم النفس هو علم يختص بالتقنيات التي يعمل بها الإنسان والطرق التي يمكن بها قياس كيف يعمل الإنسان.

بعد دراسة عدد من المراجع اللاهوتية والنفسية، وصل كارتر وموهلين إلى ثمانية موضوعات متوازية لكل من النظامين

مجال علم اللاهوت مجال علم النفس

* لاهوت الملائكة * الظواهر النفسية غير التقليدية

* لاهوت المسيح/ الروح القدس * المشير/ المعالج

* لاهوت الإنسان * نظرية الشخصية

* لاهوت الخطية * نظريات المرض النفسي/ العلاج النفسي

* لاهوت الخلاص * النضوج النفسي

* لاهوت الكنيسة * علم النفس الاجتماعي (المجتمع العلاجي)

* لاهوت الأخرويات * علم النفس المجازاة

.


في كتابه " المشورة الكتابية الفعالة" (1977) يقدم لاري كراب الابن ثلاث تناولات تاريخية للتكامل ثم يقدم اقتراحاً رابعاً. التناول الأول هو "متساوون لكن منفصلون" الذي يقضي بأن لكل نظام مجاله دون تداخل. شعار هذا التوجه هو دعوا اللاهوتيون يتعاملون مع القضايا اللاهوتية والعلماء النفسيون يتعاملون مع القضايا النفسية. يرفض كراب هذا التناول لأن هناك، كما أشرنا سابقاً، موضوعات مشتركة بين النظامين مثل الذنب وعدم الأمان وقبول النفس وغيرها. أما التناول الثاني فهو ما يسمى " بالسلاطة" أي أن التكامل هو طبق سلاطة يقوم كل مشير أو راعي بتشكيله كما يريد بوضع ما يحب من النظريات والتقنيات النفسية مع الأفكار والاستبصارات اللاهوتية والكتابية التي يراها. يرى كراب أن هذا التوجه يمزج الإلهي مع العلماني دون وعي ناقد. المشكلة المحورية في التكامل بطريقة السلاطة ليست هي أن علم النفس العلماني ليس لديه ما يقدمه وإنما المشكلة هي في القبول المهمل غير الناقد للأفكار العلمانية ما يؤدي بالممارس أن يفرط دون أن يقصد أو يدري في المبادئ والعقائد الكتابية ( 1977، ص 39). التناول الرابع يسميه كراب تناول الـ " ما هو إلا.." و فيه يعتبر علماء النفس أن الدين ما هو إلا أحد ألوان علم النفس البدائي وبالتالي يفسرون كل الخبرات الروحية تفسيراً نفسياً. أو أن يعتبر اللاهوتيون أن علم النفس ما هو إلا إعادة صياغة لمبادئ موجودة بالفعل في الكتاب المقدس وبالتالي لا حاجة لعلم النفس. هذا التوجه فيه يتجاهل كل جانب اسهامات الجانب الآخر ويرى الدنيا من منظوره هو فقط، فيتجاهل جانب من جوانب عمل الله.

التناول الذي يقدمه كراب يسميه "سلب المصريين" في إشارة إلى المكتوب في سفر التكوين أن بني إسرائيل أخذوا من مصر ما كانوا يحتاجون إليه في رحلتهم إلى البرية (خر 3: 22) ويقترح كراب أن شعب الله لكي "يسلب" علم النفس العلماني يجب أن يتبع مبدئاً أساسياً و هو ً أن يجعل من الكتاب المقدس المقياس المعصوم الذي به يقيس علم النفس، بمعنى عدم قبول النظريات والتقنيات النفسية التي لا تتفق مع الكتاب المقدس. بالطبع يتفق جميع المؤمنين بوحي الكتاب المقدس مع هذا التوجه، لكن للأسف لا يقدم كراب أكثر من ذلك !

نموذج إعادة البناء لكولينز The Rebuilding Approach. Collins 1977

في كتابه " إعادة بناء علم النفس"[10] يقدم كولينز نموذجه في صورة محاولة لإعادة بناء علم النفس من جديد.

يبدأ كولينز بإقرار أن المؤمن يجد نظامه الفلسفي في الكتاب المقدس ليس فقط لأنه "الكتاب المقددس" ولكن لكونه قد أثبت بالخبرة العملية أنه الأفضل. ربما لا يعتبر المؤمن المسيحي أن النظام الفلأا النظام الفلسفي في الكتاب المقدس يملك كل الإجابات فهو، أي المؤمن المسيحي، لا يرى أن الكتاب المقدس "هو الحل!" ولا يبحث عن "الإعجاز النفسي" في الكتاب المقدس. لكنه فقط يرى أنه الأفضل. أي أنه أفضل نظام فلسفي مدعوم بأدلة متنوعة، ومتسق مع نفسه، وقادر أن يقدم معنى متكامل للوجود.

وعندما يدخل كولينز هذا المدخل، يجد نفسه مضطراً للانتقال إلى مجال الدفاعيات، وهو لا يرى بأساً من ذلك في إطار نظريته الموسعة للتكامل. وهكذا نجده يقدم أولاً أدلة من الخبرة الشخصية. يهتم عصر ما بعد الحداثة الذي نعيشه بعنصر الخبرة الوجودية الشخصية كأحد أهم روافد الحقيقة. ولكن لا تقتصر الخبرة الشخصية فقط على الأحاسيس الطيبة التي يقدمها الإيمان للإنسان فكثير من الأحاسيس الطيبة والخبرات الذاتية يمكن أن تكون منافية للواقع والعاملون في مجال الاضطراب النفسي هم أدرى الناس بذلك، ولكن آلاف القصص تشهد عن تغيير حقيقي في الشخصية، يمكن للمحيطين أن يلمسوه في الشخص الذي يؤمن بإله الكتاب المقدس أو يتخذ من ذلك النظام الفلسفي اللاهوتي محوراً لنظرته للعالم. على سبيل المثال كان ألبرت إيليس مؤسس مدرسة العلاج المنطقي ملحداً صريحاً و كان في السبعينات من القرن العشرين يهاجم الدين بشدة في حواراته العلاجية معتبراً إياه عقبة في سبيل الصحة النفسية. إلا أنه من المثير للعجب أن إيليس نفسه في مقال نشر سنة 1993 وصف الكتاب المقدس أنه، ككتاب للمساعدة الذاتية self-help قد ساعد عدداً من الناس للوصول إلى تغييرات شاملة و عميقة في شخصياتهم أكثر ممن ساعدتهم كل مدارس العلاج النفسي مجتمعة[11].

ثم ينتقل كولينز من نطاق الخبرة الذاتية الأضعف إلى نطاق الأدلة المنطقية الأكثر قوة،حيث يحتكم إلى المنطق أو العقل العام الأكثر موضوعية من الخبرة الذاتية. في واقع الأمر لم يقدم كولينز الكثير من الأدلة المنطقية. لذلك سأحاول أن أقدم بعض الأدلة المنطقية التي أراها مقنعة لي شخصياً في صراعي مع الشك والإيمان بالفرضيات المسيحية. يتفق كل دارسي الكتاب المقدس على أن الفرضية الأساسية للمسيحية التي تقوم بقيامها وتسقط بسقوطها، هي تاريخية قيامة المسيح. فإن كان المسيح قد قام تكون كل فروض المسيحية سليمة وإن لم يكن قد قام بالفعل بالجسد. فلا قيمة للإيمان به وبصليبه كما يقول الرسول بولس في رسالة كورنثوس[12]. يكاد يتفق جميع البشر أن يسوع المسيح شخص فريد كان له عميق التأثير فيمن حوله فصدقوه. قال لهم أنه ابن الله فصدقوه، قال لهم أنه سيموت ويقوم في اليوم الثالث، فصدقوه. لم يكن غريباً أن يؤثر عليهم ذلك الشخص صاحب "الكاريزما" القوية، حتى ولو لم يكن صادقاً، و حتى لو كان واهماً مضللاً فكم من شخص مختل عقلياً أثر على جماعات كبيرة من الناس وجعلهم يصدقونه. أيضاً ليس كافياً لتصديق القيامة أن يستمر تلاميذ المسيح في تصديقها حتى بعد موته، لأنه من الممكن أن تكون الضلالة قد "زرعت" في أذهانهم وتتحكم فيهم حتى بعد اختفاء المسيح من الصورة. كل من يعمل في مجال المشورة والمساعدة النفسية، يرى كيف أن معظم الناس يستمرون في تصديق الرسائل السلبية التي كان آبائهم وأمهاتهم يوجهونها لهم حتى بعد وفاة هؤلاء الآباء والأمهات، فهذه الرسائل قد زرعت في وعيهم و أصبحت جزءاً من منظومة تفكيرهم ورؤيتهم لأنفسهم. أيضاً ليس كافياً للإيمان بصدق القيامة أن نجد أن هؤلاء التلاميذ لا يكتسبون شيئاً من هذا الإيمان الذي ينادون به، فلا يصيرون قادة عسكريين أو يفتحون بلاداً أو يغتنمون غنائماً، وإنما يموتون من أجل إيمانهم، فكم من أشخاص مضللون ماتوا من أجل ضلالات كانوا يظنونها الحقيقة!

ما هو إذن البرهان المنطقي على صدق القيامة؟!

يكمن البرهان المنطقي في كون التلاميذ قد مروا بفترة من عدم التصديق عندما صلب المسيح ومات. كان هؤلاء التلاميذ، بحسب إيمانهم اليهودي يعتقدون أن المسيح متى جاء لا يموت، دون أن يدركوا النبوات التي تقول أنه سوف يأتي ويموت أولاً ثم يقوم ويصعد إلى السماء باعتباره الله المتحد بالإنسان ليرفعه من الوجود المادّي إلى درجة أعلى من الوجود في العالم الآخر، و أنه لكي يقوم بذلك سوف يموت ويقوم ليكون "باكورة" أي البكر في هذا الوجود الجديد. كل هذا لم يدركه تلاميذ المسيح وقت الصليب وبعد القبر، ففي إنجيل لوقا[13] نقرأ قصة اثنين من هؤلاء التلاميذ كانا منطلقين بعد دفن المسيح إلى قرية اسمها عمواس ويتكلمان معاً في الطريق عن يسوع هذا الذي كانا يظنون أنه هو المسيح المزمع أن يفدي إسرائيل، لكن له اليوم ثلاث أيام في القبر!

بعد موت المسيح، تشتت كل التلاميذ خوفاً من اليهود وفقدوا إيمانهم بأن يسوع هذا هو المسيح. ثم فجأة نجد إيمانهم بالمسيح يعود أقوى مما كان و بشجاعة منقطعة النظير يتحدون اليهود معلنين أن يسوع قام من بين الأموات ! كيف عاد إليهم إيمانهم المفقود؟ لو كانوا لم يفقدوا إيمانهم أبداً، لكان من الممكن أن نعتبر أن الضلالة التي زرعها يسوع في أذهانهم مستمرة في السيطرة عليهم، لكن بعدما فقدوا إيمانهم ثم عاد إليهم إيمانهم فإن المنطق يقول أنه ينبغي أن يكون قد حدث شيئاً كبيراً يعيد لهم إيمانهم المفقود. بل أكثر من ذلك ، يخبرنا الإنجيل أن شخصاً يدعى يعقوب، وهو أحد اخوة يسوع الذين لم يكونوا يؤمنون به[14] واستمروا لا يؤمنون به حتى موته على الصليب، فجأة أصبح مؤمناً بقيامة المسيح وأصبح أحد أهم المنادين بقيامته حتى مات شهيداً لهذا الإيمان!

الإجابة التي يقدمها الكتاب المقدس، هي أن المسيح قام بالحقيقة! [15] ليكون "باكورة" لوجود إنساني جديد يبدأ في هذا العالم ويستمر في العالم الآتي. هذا الوجود الإنساني الجديد يسميه الكتاب المقدس " الخليقة الجديدة في المسيح يسوع." هذا الحقائق والأحداث حتى وإن كنا لا نستطيع اثباتها تجريبياً، ولا توجد في خبرتنا الإنسانية أحداثاً مشابهة لها، إلا أن الكتاب المقدس يقدم لنا براهين منطقية أكثر مما يقدم أي دين أو كتاب آخر على صدق الأحداث التي يفترض حدوثها أو الأقوال التي ينسبها لله. ووا

أخيراً يقدم جاري كولينز ما يسميه الأدلة الإمبريقية التجريبية وكما يعرف كل باحث سواء في المجال النفسي أو غيره، أن مثل هذه الأدلة تأتي من الملاحظة الدقيقة للعالم والتحقق من هذه الملاحظات من خلال ملاحظات آخرين. أيضاً لا يقدم كولينز ما يشفي الغليل في هذا المجال، لكن فيليب يانسي في كتابه العثور على الله في أماكن غير متوقعة[16]. يكتب فصلاً كاملاً عن أبحاث تجريبية تشير إلى دور الله والروحانية في الشفاء عموماً. أولاً يقدم يانسي مجموعة من الملاحظات الإمبريقية التي وصل إليها الباحث ديفيد لارسون بعد خمسة عشر عاماً متصلة في البحث في هذا المجال:

- الحضور المنتظم للكنيسة يرتبط إحصائياً بطول العمر. التدين يقلل من معدل الإصابة بالأزمات القلبية وتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم.

- الأشخاص المتدينون أقل تورطاً في إساءة استخدام الكحوليات وأقل كثيراً في معدلات تعاطي المخدرات. (وجدت دارسة أخرى أن 89 % من مدمني الكحول كانوا قد فقدوا اهتمامهم بالدين في مرحلة المراهقة).

- المساجين الذين يتخذون قراراً باتباع المسيح أثناء إقامتهم في السجن تقل معدلات عودتهم للسجن مرة أخرى عن نظرائهم.

- تزداد معدلات الرضا في الحياة الزوجية و تنخفض معدلات الإصابة بالاكتئاب مع ازدياد معدلات الانتظام في حضور الكنيسة

- الإلتزام الديني يقلل من معدلات الطلاق إلى النصف. (كثير من الأبحاث وجدت أن الطلاق له أضرار كبيرة على الصحة الجسدية والنفسية، لذا فإن الالتزام الديني بطريقة غير مباشرة يقلل من كل هذه ا لأضرار الصحّية).

بالإضافة لهذه الأبحاث توجد أيضاً الملاحظة الشهيرة التي كتبها كارل يونج:

" لقد عالجت عدة مئات من المرضى. كان أغلبهم من البروتستانت، وعدد أقل من اليهود وحوالي خمسة أوستة من الكاثوليك المؤمنين. يمكنني أن أقول بأمان أنهم كلهم مرضوا بسبب فقدانهم للنظرة الدينية للحياة. ولم يشف أي منهم إلا من استعادوا هذه النظرة. "

بعد هذا الفاصل الدفاعي عن الإيمان المسيحي و أهميته بالنسبة للشفاء النفسي (وللشفاء عموماً) نعود إلى نموذج جاري كولينز لإعادة بناء علم النفس على أسس روحية.

يبدأ هذا النموذج بافتراض أساسي وهو أن الله موجود وأنه هو مصدر كل حق. وأن هذا الحق معلن في الكتاب المقدس (الحقيقة المعلنة) و في الطبيعة ( الحقيقة المكتشفة). هذه الفرضية الأساسية تصاحبها فرضية فرعية وهي أن الإنسان أيضاً موجود وقادر على معرفة الحق.


هاتين الفرضيتان هما الأساس الذي يبني عليه المسيحيون، بحسب نموذج كولينز، ستة افتراضات فرعية وهي:

1) توسيع طرق الحصول على المعرفةExpanded Empiricism : أي أن المعرفة الصادقة لا تأتي فقط من خلال الأبحاث التجريبية الإمبريقية ولكن هناك مصادر أخرى للحقيقة مثل الاستنتاج المنطقي، أو دراسة العلوم الإنسانية مثل التاريخ أو الفلسفة أو الإعلان الكتابي أو حتى الحدس المباشر.

2) الجمع بين الحتمية والإرادة الحرة Determinism and Free will بالطبع يحمل هذا تناقضاً ظاهرياً Paradox لكن الكتاب المقدس يوضح كيف أن الاثنين معاً يصفان حالة الإنسان فالإنسان خاضع لحتمية وجوده الساقط الفاسد الذي يتنظر الخلاص الكامل في السماء[17] وهو في نفس وقت مخلوق حر قادر على الاختيار الحر عكس طبيعته الساقطة.

3) الحق الكتابي المطلق. Biblical Absolutism بالرغم من أن ذهن الإنسان المعاصر يميل إلى الإيمان بالنسبية، يبحث المسيحيون الإنجيليون المحافظون في الكتاب المقدس على مبادئ مطلقة تحكم الفكر والسلوك والعلاقات. مثل المحبة والغفران والموت عن الذات وغير ذلك. لكن هذا يثير مشكلة عندما نستخدم "الآيات الكتابية بصورة مطلقة" دون بذل مجهود لاهوتي. اللاهوت كما سبق وأشرنا هو محاولة تفسير الرموز الكتابية رموز الكتابية لكي تخرج لنا ما فيها من معاني مجرد مطلقة ثم نحاول تطبيق هذه المعاني على الثقافة المعاصرة.

4) التصغيرية المعدلة. Reductionism Modified التصغيرية ضرورة لفهم كائن مركب مثل الإنسان. لكن هذه التصغيرية لا يجب أن تمنعنا من رؤية الكل. بمعنى أن هذا النموذج يقبل دراسة السلوك الإنساني من مناظير مختلفة مثل السلوكية أو التحليلية أو الوجودية دون الإفراط في تصغير الإنسان ودون الاعتقاد بأن نظرية واحدة يمكن أن تقدم تفسيراً متكاملاً له ولسلوكه.

5) الفوقطبيعية المسيحية Christian Supernaturalism هذه الفرضية تقبل النظرة النفسية أن العالم به نظام طبيعي يحكمه ولكنها أيضاً تقبل أن هناك ما هو فوق هذا النظام الطبيعي. الفوقطبيعية المسيحية تؤمن أن الله خلق العالم و يحفظه بواسطة كلمته (الذي تجسد في المسيح) من خلال قوانين طبيعية. لكنها تؤمن أيضاً بوجود ما هو فوق طبيعي وتأثيره على الإنسان، ولهذا تداعياته المتعددة على فهم سلوك البشر ومساعدتهم للتغيير. الفوقطبيعية المسيحية تتميز عن أي إيمان فوق طبيعي بأنها لا تقبل ما هو ضد العقل، لكنها تقبل ما يتسامى فوق العقل. لا تقبل أحداث تتنافى مع المنطق العام لكنها يمكن أن تقبل أحداث أو تفسيرات لا يوجد تفسير لها في هذا العالم ، وإنما يخضع تفسيرها لقوانين العالم الروحي الأسمى. (راجع ملحق "ما جمعه الله لا يفرقه إنسان في كتاب "صحة العلاقات" ص. 214- 217)

6) المفهوم الكتابي للإنسان Biblical Anthropology

بعكس النظرة الإنسانية العلمانية التي تفترض الصلاح الإنساني المطلق، تفترض المسيحية أننا مخلوقون على صورة الله وفي نفس الوقت مخلوقات ساقطة ولكننا محبوبون من الله الذي دبر خلاصنا ورجوعنا إليه من خلال الإيمان بخطة فداءه من خلال المسيح، حتى أنه من يؤمن بالمسيح مخلصاً شخصياً ينال الولادة الثانية ويصبح خليقة جديدة في المسيح. هذه الخليقة الجديدة تصبح قادرة على استقبال مواهب روحية خاصة من الله هنا في هذه الحياة بالإضافة إلى ضمان الحياة الأبدية في السماء. ن أن

4) المرحلة الرابعة (الثمانينات وبعد ذلك )

أصبح مفهوم التكامل أكثر بعداً عن النماذج النظرية البسيطة. و أكثر تعاملاً مع التحديات العملية الحقيقية للوصول إلى صحة نفسية وروحية متكاملة. هذا ما سوف نتناوله في الفصل التالي.


[1] كلمة "عصابي" Neurotic تعني مرض نفسي يتميز أساساً بالقلق واستخدام سلوكيات و طرق تفكير بصورة مبالغ فيها لمقاومة هذا القلق مثل الوسواس القهري أو الرغبة في الكمال وغير ذلك.

[2] Ted Peters, God-The World’s Future. Systematic Theology for a New Era, (Minneapolis: Fortress Press), 2000, p. 36- 37

[3]G.R. Collins, Psychology and Theology. Prospects for Integration, (Nashville: Abingdon), 1981. p. 17

[4] أوسم وصفي، صحة العلاقات، تحدي الشفاء والنضوج في مجتمع حقيقي. (القاهرة: كنيسة قصر الدوبارة الإنجيلية) 2004

[5] G. R. Collins, The Rebuilding of Psychology, An Integration of Psychology and Christianity, (Wheaton, Illinois: Tyndale) 1977

[6] Psychoanalysis and Religion. N.Y:Bantam, 1950

[7] The Individual and His Religion, A Psychological Interpretation. N.Y:Macmillan, 1950

[8] What Then Is Man? A symposium of Theology, Psychology, and Psychiatry, Meehl, et al. 1958)

5 راجع ملحق " الروحانية والتوقفية" في كتاب صحة العلاقات للكاتب

[10] Gary R. Collins, The Rebuilding of Psychology, (Wheaton: Tyndale) 1977, p. 137 – 152

[11] Albert Ellis, “ The Advantages and Disadvantages of Self-Help Therapy Materials,” Professional Psychology: Research and Practice 24 (1993): 336.

[12] الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس 15: 13- 15

[13] إنجيل لوقا 24: 13- 27

[14] إنجيل مرقس 3: 21 و إنجيل يوحنا 7: 3- 5

[15] " فإني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضاً: أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب (نبوات العهد القديم)، وأنه دفن، وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب، و أنه ظهر لصفا (بطرس) ثم الاثنى عشر، وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمسمئة أخ، أكثرهم باق إلى الآن. ولكن بعضهم رقدوا. وبعد ذلك ظهر ليعقوب، ثم للرسل أجمعين. " (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 15: 3-7)

[16] Philip Yancey, Finding God in Unexpected Places, (Colorado Springs: Waterbrook) 2005, p. 123- 127.

[17] " فإني أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا (المجد السماوي). لأن انتظار الخليقة يتوقع استعلان أبناء الله. إذ أخضعت الخليقة للبُطل ـ ليس طوعاً بل من أجل الذي أخضعها ــ على الرجاء (الرجاء في الحياة الأخرى) لأن الخليقة نفسها أيضاً ستعتق من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله. فإننا نعلم أن كل الخليقة تئن وتتمخض معاً إلى الآن. وليس هكذا فقط، بل نحن الذين لنا باكورة الروح (الذين أخذنا عربون بسيط من الأمجاد السماوية من خلال سكنى الروح وعمله فينا)، نحن أنفسنا نئن في أنفسنا متوقعين التبني فداء أجسادنا (أي الانعتاق من الوجود في هذا الجسد الفاسد).

2 comments:

Unknown said...

عندى سؤال: انا من الأشخاص المدققين جداً لأفكار قلوبهم و نياته. و هذا الأمر يجعلنى اتساءل كثيراً عن كل سلوك أقوم به. هل هو خالص النية أم هو مدفوع برغبة أخرى خفية. و ابتدىء افحص و اتعمق حتى اجد الصدق
أعرف ان هذا قد يسمى تعقيداً و لكن ما بالأمر حيلة. هكذا انا.
السؤال هو كيف لى أن أعرف ان علاقتى بالله و مشاعرى تجاهه هى صادقة عن ايمان و اختيار واعى و ليست حيلة من حيل الدفاع النفسي او اعلاء لمشاعر عاطفيةأو ايجاد بديل سامى أو تعويض أو أو....

Dr. Awsam Wasfy said...

في واقع الأمر لن نستطيع دائماً التمييز الكامل فنحن لا يمكن أن نرى كل الحقيقة أو أن نعيش حياة بلا دفاعات، ويجب أن نقنع بذلك. فإن لامتنا أو لم تلمنا قلوبنا فالله أعظم من قلوبنا وهو يعلم كل شيء. كل ما نستطيع أن نفعله هو أن نختار المحبة بكل ما أوتينا من وعي. المحبة وليس الكمال. فالمحبة هي رباط الكمال. سوف تظهر مواقف تكشف أمامنا دفاعيتنا، فعلينا عندئذ أن نتعامل معها ، فتزداد مساحة وعينا بدوافع سلوكنا وهكذا ننمو. صلي. اختبرني يا الله واعرف قلبي. امتحني واعرف أفكاري وانظر إن كان في طريق باطل واهدني طريقاً أبدياً. طريق النعمة والمحبة. .